أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمٍ # مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ # وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضـمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتــا # وما لقلبك إن قلت استفق يهــــمِ
أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتـــمٌ # ما بين منسجم منه ومضْطَّــــــرمِ
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـللٍ # ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلــــمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شــهدتْ # به عليك عدول الدمع والســــقمِ
وأثبت الوجدُ خطَّيْ عبرةٍ وضــنىً # مثل البهار على خديك والعنــــمِ
نعمْ سرى طيفُ منْ أهوى فأرقـني # والحب يعترض اللذات بالألــــمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة # مني إليك ولو أنصفت لم تلــــمِ
عَدتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمســـــتترٍ # عن الوشاة ولا دائي بمنحســــمِ
محضْتني النصح لكن لست أســمعهُ # إن المحب عن العذال في صــممِ
إنى اتهمت نصيحَ الشيب في عذَلٍ # والشيبُ أبعدُ في نصح عن التهــمِ
فى التحذير من الهوى
فإنَّ أمَارتي بالسوءِ ما أتعظـــتْ # من جهلها بنذير الشيب والهـــرمِ
ولا أعدّتْ من الفعل الجميل قـرى # ضيفٍ ألمّ برأسي غيرَ محتشـــم
لو كنتُ أعلم أني ما أوقـــرُه # كتمتُ سراً بدا لي منه بالكتــمِ
منْ لي بردِّ جماحٍ من غوايتهـــا # كما يُردُّ جماحُ الخيلِ باللُّجُــــمِ
فلا ترمْ بالمعاصي كسرَ شهوتهـــا # إنَّ الطعام يقوي شهوةَ النَّهـــمِ
والنفسُ كالطفل إن تُهْملهُ شبَّ على # حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــمِ
فاصرفْ هواها وحاذر أن تُوَليَــهُ # إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِـمِ
وراعها وهي في الأعمالِ ســائمةٌ # وإنْ هي استحلتِ المرعى فلا تُسِمِ
كمْ حسنتْ لذةً للمرءِ قاتلــةً مـن # حيث لم يدرِ أنَّ السم فى الدسـمِ
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع # فرب مخمصةٍ شر من التخـــــمِ
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأتْ # من المحارم والزمْ حمية النـــدمِ
وخالف النفس والشيطان واعصِهِما # وإنْ هما محضاك النصح فاتَّهِـــمِ
ولا تطعْ منهما خصماً ولا حكمـــاً # فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحكــمِ
أستغفرُ الله من قولٍ بلا عمــــلٍ # لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقـــــُمِ
أمْرتُك الخيرَ لكنْ ما ائتمرْتُ بـه # وما اسـتقمتُ فما قولى لك استقـمِ
ولا تزودتُ قبل الموت نافلـــةً # ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم اصــــمِ
في مدح النبي صلى الله عليه وسلم
ظلمتُ سنَّةَ منْ أحيا الظلام إلـــى # إنِ اشتكتْ قدماه الضرَ من ورمِ
وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطـــوى # تحت الحجارة كشْحاً مترف الأدمِ
وراودتْه الجبالُ الشمُ من ذهــبٍ # عن نفسه فأراها أيما شــــممِ
وأكدتْ زهده فيها ضرورتُـــه # إنَّ الضرورة لا تعدو على العِصَمِ
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ منْ # لولاه لم تُخْرجِ الدنيا من العـدمِ
محمد سيد الكونين والثقليــــن # والفريقين من عُرْب ومنْ عجــمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحــــدٌ # أبرَّ في قولِ لا منه ولا نعــــمِ
هو الحبيب الذي ترجى شفاعـته # لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــمِ
دعا إلى الله فالمستمسكون بــه # مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــمِ
فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ # ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمـــسٌ # غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهــــم # من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
فهو الذي تم معناه وصورتــه # ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـمِ
منزهٌ عن شريكٍ في محاســـنه # فجوهر الحسن فيه غير منقســـمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهم # واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف # وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس لــــه # حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــمِ
لو ناسبت قدرَه آياتُه عظمــــاً # أحيا اسمُه حين يدعى دارسَ الرممِ
لم يمتحنا بما تعيا العقولُ بـــه # حرصاً علينا فلم نرْتبْ ولم نهـــمِ
أعيا الورى فهمُ معناه فليس يُرى # في القرب والبعد فيه غير مُنْفحـمِ
كالشمس تظهر للعينين من بعُـدٍ # صغيرةً وتُكلُّ الطرفَ من أمَـــمِ
وكيف يُدْرِكُ في الدنيا حقيقتـَه # قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُــــــمِ
فمبلغ العلمِ فيه أنه بشــــــرٌ # وأنه خيرُ خلقِ الله كلهــــــمِ
وكلُ آيٍ أتى الرسل الكرام بها # فإنما اتصلتْ من نوره بهــــمِ
فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبُهــا # يُظْهِرنَ أنوارَها للناس في الظُلـمِ
أكرمْ بخَلْق نبيّ زانه خُلـُـــقٌ # بالحسن مشتملٍ بالبشر متَّســـــمِ
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ # والبحر في كرمٍ والدهر في هِمَمِ
كانه وهو فردٌ من جلالتــــه # في عسكرٍ حين تلقاه وفي حشـمِ
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ # من معْدِنَي منطقٍ منه ومُبْتَســم
لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَـــهُ # طوبى لمنتشقٍ منه وملتثـــــم
فى مولده صلى الله عليه وسلم
أبان مولدُه عن طيب عنصــره # يا طيبَ مبتدأٍ منه ومختتــــمِ
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهــــمُ # قد أُنْذِروا بحلول البؤْس والنقـمِ
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ # كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئـمِ
والنار خامدةُ الأنفاسِ من أسـفٍ # عليه والنهرُ ساهي العينِ من سدمِ
وساءَ ساوة أنْ غاضت بحيرتُهــا # ورُدَّ واردُها بالغيظ حين ظمــي
كأنّ بالنار ما بالماء من بــــلل # حزْناً وبالماء ما بالنار من ضَــرمِ
والجنُ تهتفُ والأنوار ساطعــةٌ # والحق يظهرُ من معنىً ومن كَلِـمِ
عَمُوا وصمُّوا فإعلانُ البشائر لــمْ # تُسمعْ وبارقةُ الإنذار لم تُشــــَمِ
من بعد ما أخبر الأقوامَ كاهِنُهُمْ # بأن دينَهم المعوجَّ لم يقـــــمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شُهُب # منقضّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ
حتى غدا عن طريق الوحي منهزمٌ # من الشياطين يقفو إثر مُنـــهزمِ
كأنهم هرباً أبطالُ أبرهــــــةٍ # أو عسكرٌ بالحَصَى من راحتيه رُمِىِ
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمـــــا # نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقــــمِ
فى معجزاته صلى الله عليه وسلم
جاءتْ لدعوته الأشجارُ ســـاجدةً # تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــدمِ
كأنَّما سَطَرتْ سطراً لما كتـــبتْ # فروعُها من بديعِ الخطِّ في اللّقَـمِ
مثلَ الغمامة أنَّى سار سائــــرةً # تقيه حرَّ وطيسٍ للهجير حَــــمِى
أقسمْتُ بالقمر المنشق إنّ لـــه # من قلبه نسبةً مبرورة القســــمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ # وكلُ طرفٍ من الكفار عنه عــِى
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يَرِما # وهم يقولون ما بالغـار مــن أرمِ
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على # خير البرية لم تنسُج ولم تحُــــمِ
وقايةُ الله أغنتْ عن مضاعفـــةٍ # من الدروع وعن عالٍ من الأطـُمِ
ما سامنى الدهرُ ضيماً واستجرتُ به # إلا ونلتُ جواراً منه لم يُضَــــمِ
ولا التمستُ غنى الدارين من يده # إلا استلمت الندى من خير مستلمِ
لا تُنكرِ الوحيَ من رؤياهُ إنّ لــه # قلباً إذا نامتِ العينان لم يَنَـــم
وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــه #فليس يُنكرُ فيه حالُ مُحتلــــمِ
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسـَــبٍ # ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهـــــمِ
كم أبرأت وصِباً باللمس راحتُـه # وأطلقتْ أرباً من ربقة اللمـــمِ
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـُــه # حتى حكتْ غرّةً في الأعصر الدُهُمِ
بعارضٍ جاد أو خِلْتُ البطاحَ بهـا # سَيْبٌ من اليمِّ أو سيلٌ من العَـرِمِ
فى شرف القرآن
دعْني ووصفيَ آياتٍ له ظهــرتْ # ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علــمِ
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظــمٌ # وليس ينقصُ قدراً غير منتظــمِ
فما تَطاولُ آمالِ المديح إلــــى # ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـمِ
آياتُ حق من الرحمن مُحدثـــةٌ # قديمةٌ صفةُ الموصوف بالقــدمِ
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تُخبرنـــا # عن المعادِ وعن عادٍ وعـن إِرَمِ
دامتْ لدينا ففاقت كلَّ معجـزةٍ # من النبيين إذ جاءت ولم تــدمِ
محكّماتٌ فما تُبقين من شبـــهٍ # لِذى شقاقٍ وما تَبغين من حَكَــمِ
ما حُوربتْ قطُّ إلا عاد من حَـرَبٍ # أعدى الأعادي إليها ملْقِيَ السلمِ
ردَّتْ بلاغتُها دعوى معارضَهــا # ردَّ الغيورِ يدَ الجاني عن الحُـرَمِ
لها معانٍ كموج البحر في مـددٍ # وفوق جوهره في الحسن والقيـمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــا # ولا تسامُ على الإكثار بالســــأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلتُ لــه # لقد ظفِرتَ بحبل الله فاعتصـــمِ
إن تتلُها خيفةً من حر نار لظــى # أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشّبِـمِ
كأنها الحوض تبيضُّ الوجوه بـه # من العصاة وقد جاؤوه كالحُمَــمِ
وكالصراط وكالميزان معْدلــةً # فالقسطُ من غيرها في الناس لم يقمِ
لا تعجبنْ لحسودٍ راح ينكرهـــا # تجاهلاً وهو عينُ الحاذق الفهـــمِ
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد # وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِ
في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم
يا خير من يمّم العافون ســـاحتَه #سعياً وفوق متون الأينُق الرُّسُـــمِ
ومنْ هو الآيةُ الكبرى لمعتبـــرٍ #ومنْ هو النعمةُ العظمى لمغتنـــمِ
سَريْتَ من حرمٍ ليلاً إلى حــــرمِ # كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلــةً #من قاب قوسين لم تُدركْ ولم تُرَمِ
وقدمتْكَ جميعُ الأنبياء بهـــــا #والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خــدمِ
وأنت تخترقُ السبعَ الطباقَ بهــم #في موكب كنت فيه صاحب العلمِ
حتى إذا لم تدعْ شأواً لمســتبقٍ # من الدنوِّ ولا مرقىً لمُسْـــــتَنمِ
خَفضْتَ كلَّ مقامٍ بالإضـــافة إذ # نوديت بالرفْع مثل المفردِ العلــمِ
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مســــتترٍ #عن العيون وسرٍ أيِّ مكتتـــــمِ
فحزتَ كل فخارٍ غير مشــــتركٍ #وجُزْتَ كل مقامٍ غير مزدَحَــــمِ
وجلَّ مقدارُ ما وُلّيتَ من رُتـــبٍ # وعزَّ إدراكُ ما أوليتَ من نِعَـــمِ
بشرى لنا معشرَ الإسلام إنّ لنـــا # من العناية ركناً غير منهــــدمِ
لما دعا اللهُ داعينا لطاعتـــــه #بأكرم الرسل كنا أكرم الأمـــمِ
فى جهاده صلى الله عليه وسلم
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتــه # كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنــــمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتــركٍ # حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضـمِ
ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به # أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخــمِ
تمضي الليالي ولا يدرون عدَّتَهـا #ما لم تكنْ من ليالي الأشهر الحُرُمِ
كأنما الدينُ ضيفٌ حل سـاحتهم # بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَـــرِمِ
يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ ســـابحةٍ # يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِــمِ
من كل منتدب لله محتســـبٍ # يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِـــمِ
حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهي بهمْ # من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِــمِ
مكفولةً أبداً منهمْ بخـــير أبٍ # وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِــــمِ
همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهـم # ماذا رأى منهمُ في كل مصطدمِ
وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً # فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
المُصْدِرِي البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ # منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِمَــمِ
والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ # أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِــمِ
شاكي السلاحِ لهم سيما تميزُهـمْ # والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّــلَمِ
تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهـمُ # فتَحسبُ الزهرَ في الأكمام كل كمِى
كأنهمْ في ظهور الخيل نَبْتُ رُباً # منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُـزُمِ
طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً # فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ وألْبُهــــُمِ
ومن تكنْ برسول الله نُصـــرتُه # إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجــمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصــرٍ # به ولا من عدوّ غير منقصــــمِ
أحلَّ أمتَه في حرْز ملَّتـــــه # كالليث حلَّ مع الأشبال في أجَــمِ
كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ # فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِـمِ
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ مُعجــزةً # في الجاهلية والتأديب في اليُتُمِ
في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
خدْمتُه بمديحٍ استقيلُ به ذنوبَ # عمرٍ مضى في الشعر والخِــدَمِ
إذْ قلّدانيَ ما تُخْشي عواقبُــه # كأنَّني بهما هدْيٌ من النَّعَـــمِ
أطعتُ غيَّ الصبا في الحالتين وما # حصلتُ إلاّ على الآثام والنـــدمِ
فياخسارةَ نفسٍ في تجارتهـــا #لم تشترِ الدين بالدنيا ولم تَسُــمِ
ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلــــهِ # يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سَـلمِ
إنْ آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقض # من النبي ولا حبلي بمنصـــرمِ
فإنّ لي ذمةً منه بتســــميتي # محمداً وهو أوفى الخلق بالذِمـمِ
إن لّم يكن في معادي آخذاً بيدى #فضلاً وإلا فقلْ يا زلةَ القــــدمِ
حاشاه أن يحرمَ الراجي مكارمَـه # أو يرجعَ الجارُ منه غير محتــرمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحــه #وجدتُهُ لخلاصي خيرَ مُلتــــزِمِ
ولن يفوتَ الغنى منه يداً تَرِبـتْ # إنّ الحيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
ولمْ أردْ زهرةَ الدنيا التي اقتطفتْ # يدا زُهيرٍ بما أثنى على هَـــرمِ
في المناجاة وعرض الحاجات
يا أكرمَ الخلق ما لي منْ ألوذُ بـه #سواك عند حلول الحادث العَـمِمِ
ولن يضيق رسولَ الله جاهُك بــي # إذا الكريمُ تجلَّى باسم منتقـــمِ
فإنّ من جودك الدنيا وضرّتَهــا # ومن علومك علمَ اللوحِ والقلـــمِ
يا نفسُ لا تقنطي من زلةٍ عظمــتْ # إنّ الكبائرَ في الغفران كاللــممِ
لعلّ رحمةَ ربي حين يقســــمها # تأتي على حسب العصيان في القِسمِ
يارب واجعلْ رجائي غير منعكِـسٍ # لديك واجعل حسابي غير منخــرمِ
والطفْ بعبدك في الدارين إن له #صبراً متى تدعُهُ الأهوالُ ينهــزمِ
وائذنْ لسُحب صلاةٍ منك دائمــةٍ # على النبي بمُنْهَلٍّ ومُنْسَــــــجِمِ
ما رنّحتْ عذباتِ البان ريحُ صــباً # وأطرب العيسَ حادي العيسِ بالنغمِ
ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمـرٍ # وعن عليٍ وعن عثمانَ ذي الكـرمِ
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهُــمْ # أهل التقى والنَّقا والحِلمِ والكـرمِ
يا ربِّ بالمصطفى بلِّغْ مقاصـدنا # واغفرْ لنا ما مضى يا واسع الكـرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بمــا # يتلوه فى المسجد الأقصى وفى الحرم
وبجاه من بيْتُهُ فى طيبة حــرمٌ # وإسمُهُ قسمٌ من أعظــم القســم
وهذه بردةُ المختار قد خُتمـتْ # والحمد لله في بدإٍ وفى ختــــم
أبياتها قدْ أتتْ ستينَ معْ مائـةٍ # فرّجْ بها كربنا يا واسع الكـــرم